الختان في موريتانيا كأداة قمع وتعذيب ضد النساء المثليات
إرث عنيف متجذر في الأعراف
يُعد ختان الإناث في موريتانيا ممارسة تقليدية متجذّرة في الأعراف المجتمعية، حيث يُروّج له كوسيلة لحماية "الطهارة" و"العفة" لدى الفتيات. لكن في جوهره، يمثل هذا الفعل العنيف شكلًا من أشكال السيطرة على أجساد النساء، ووسيلة لقمع حرية المرأة الجنسية والنفسية.
ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 66% من الفتيات في موريتانيا يتعرضن لشكل من أشكال بتر الأعضاء التناسلية الأنثوية، غالبًا دون أي إشراف طبي أو قانوني، وفي بيئات تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط السلامة.
أداة قمع ضد النساء المثليات
بالنسبة للنساء المثليات، لا يتوقف الختان عند كونه عادة مجتمعية، بل يتحوّل إلى أداة قمع متعمّدة تُستخدم لكسر الهوية الجنسية ومحاولة "تصحيح" الميول تحت ذريعة الدين أو الشرف. في بيئة تعتبر المثلية الجنسية جريمة يعاقب عليها القانون، تتعرض النساء المثليات لأشكال مختلفة من العنف، من بينها الختان، والزواج القسري، والاحتجاز المنزلي، والوصم الاجتماعي.
يمثل هذا النوع من العنف شكلًا خفيًا من التعذيب القائم على التمييز، إذ يُستهدف الجسد كوسيلة لمعاقبة النساء على ميولهن الجنسية، في غياب تام لأي حماية قانونية أو اعتراف بحقوقهن.
صمت الدولة وتواطؤ المجتمع
رغم توقيع موريتانيا على عدد من الاتفاقيات الدولية المناهضة للعنف ضد المرأة، لا يزال الختان يُمارس على نطاق واسع دون رادع قانوني واضح. لا توجد قوانين صارمة تجرّم هذه الممارسة، ولا آليات فاعلة لحماية الضحايا أو محاسبة الجناة.
أما النساء المثليات، فهنّ الأكثر هشاشة في هذا السياق، إذ لا يستطعن التبليغ أو طلب الحماية بسبب الخوف من الوصم أو التعرّض للملاحقة القانونية، في بلد تجرّم فيه العلاقات المثلية ويُمارس فيه العنف تحت ستار "الأخلاق" و"الدين".
دعوة للتضامن والتحرك
ما يحدث في موريتانيا من استخدام الختان كأداة لقمع النساء المثليات هو انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، وجريمة تعذيب صامتة تُرتكب خلف جدران المنازل وبمباركة مجتمعية. لا بد من تحرّك دولي فعّال للضغط على الحكومة الموريتانية لوضع حد لهذه الممارسات، وسن قوانين تضمن حماية النساء من كافة أشكال العنف القائم على الهوية والميول.
إن الصمت جريمة، والتواطؤ لا يقل فظاعة عن الفعل ذاته. النساء المثليات في موريتانيا يحتجن إلى تضامن حقيقي، يُنصفهن، ويمنحهن الأمان والكرامة والحرية التي يستحقنها.